الثلاثاء، 22 مايو 2012

تايلنديو رام الله ... لماذا هم هناك


الشارع مزدحم قبالة دوار المنارة في مدينة رام الله بالمارة، تنظر إلى وجوههم و تسمع إلى لهجتهم تعرف أنهم ليسو من مدينة رام الله بل هم من مدينة جنين الواقعة في أقصى شمال الضفة الغربية .

تقف معهم و تتحدث إليهم و ما أن يبدأو بالتحدث حتى يصدموك بواقع مدينتهم جنين و لماذا فضلوا المجيء إلى رام الله بدلاً من المكوث في بلدهم الأصلي و العمل فيه .

فيقول مالك سلامة و هو محاسب من مدينة جنين يعمل محاسباً في مدينة رام الله  –  وقد بدت عليه ملامح الخوف من المستقبل ، ولكن يمكن أن ترى الرضا و السرور و التفاؤل على وجهه –  لا توجد فرص عمل متوفرة في مدينة جنين، و أنا مازلت أبحث عن فرصة عمل في جنين رغم عملي هنا في رام الله " وفري شغل بجنبن بــ 1500 شيكل بس و أنا بكرة بروح على جنين "


 و اعترض سلامة على وصف أهالي مدينة جنين الموجودون في رام الله بالتايلنديين، و قال عنه " هو وصف عنصري و مجحف بحقنا و هو للأسف دارج و من يتكلم بهذا الوصف لهو متخلف و أنا أعترض على مثل هذا المسمى العنصري " ويضيف " و بالتالي كلنا ولاد بلد وحدة " .

و تسائل لو كانت ظروف أهل رام الله تدفعهم للهجرة باتجاه مدينة جنين و منافسة الأهالي هناك فبماذا سنصفهم حين إذن ؟؟
و تبقى هذه العنصرية موجودة داخل المجتمع الفلسطيني بشكلٍ عام، و إن هذه العنصرية و التي تعد في خطرها أكبر من آفة المخدرات تأثيراً على المجتمع، حيث أنها تخلخل السلم الاجتماعي، و تقطع التواصل بين كافة أفراد المجتمع .

و أوضح السائق أحمد الفقيه 26 عاماً من سكان مدينة رام الله – ويعمل سائق مركبة عمومي على خط بتونيا البلد سبب تسميتهم بهذا الاسم  "إن سبب إطلاق اسم التايلنديون على أهالي جنين الذين يعملون هنا في رام الله، هو أنهم جاءوا مثلما جاء التايلنديون على إسرائيل للعمل فيها، و قد جاءوا دفعةً واحدة عندما فتحت إسرائيل لهم المجال أن يأتوا للعمل فيها و هذا أثر على العامل الفلسطيني الذي كان يعمل في الداخل الإسرائيلي، حيث أنهُ قبل أن يأخذ معاشً زهيداً لكي يبقى يعمل و يقتات، لأن التايلنديين عرضوا أنفسهم كبديل أوفر عن العامل الفلسطيني هناك حيث كانوا يتقاضون أقل من المعقول لكي يعملوا .

و يضيف الفقيه لعل من يتحمل مسؤولية حل هذه المشكلة هي الحكومة الفلسطينية بشكل كبير " أنا كل يوم بمرق من قدام مبنى المجلس التشريعي و بشوف البواب مسكرة، يعني على الفاضي " و يتابع الفقيه بالقول "لو صرفت أموال هذا المبنى على مصنع في جنين لكان أفضل و أفيد للشعب الفلسطيني في مدينة جنين" .
" ولكن بالتالي كلنا إخوة و كلنا فلسطينيون " .

و أضاف الأستاذ باسم أبو فرحة 30 عاماً و الذي يعمل مدرس للغة العربية في وزارة التربية و التعليم الفلسطيني – منطقة جنين التعليمية، بعد أن كان يعمل في إحدى المدارس الخاصة المنتشرة في رام الله – إن العائدين في رام الله، الرئيس إتخذ من رام الله مقراً له، رؤوس الأموال في رام الله، أهالي جنين إن أرادوا أن يستثمروا يستثمرون في رام الله أو أي شخص يريد أن يستثمر يستثمر في تلك المناطق، بسبب وجود جميع الوزارات الحكومية هناك مما يعني و جود المطاعم الفنادق و الوفود الأجنبية . أي خريج من الجامعة يذهب مباشرة ليبحث عن عمل في مدينة رام الله لأنهُ يعلم مسبقاً أنهُ لا توجد أي فرصة عمل في مدينة جنين .

و يتساءل أبو فرحة هنا هل رام الله أصبحت هي العاصمة ..!!؟؟

و قد وضع أبو فرحة تصوراً لحل هذه المشكلة حيث قال" إذا نقلوا بس 3 وزارات متوسطة الأهمية إلى جنين " كل البلد بتشتغل "  لأن الشركات و المكاتب غالباً ما تكون بالقرب من هذه الأماكن ، و إذا تم مشروع المنطقة الصناعية الذي وعدنا به سيحل الكثير من المشاكل إن لم يكن كلها للشباب الفلسطيني في مدينة جنين، و منح الشركات تسهيلات و مميزات خاصة تكون غير متوفرة إلا في مدينة جنين للاستثمار فيها" .
و هذا هو الحل الذي تحدث به كل من إلتقيناه ...   .

ولكن خلال حلي و ترحالي بين طرقات و أبنية مدينة رام الله و أرصفتها إلتمست وضعاً يدعو إلى السخرية، فلقد و جدتُ أن معظم مدراء الشركات هم من مدينة جنين، مما يعني عملياً أن لدى أهالي مدينة جنين العقول الكبيرة، فلو يستثمروها في جنين فسوف يسيطرون على الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية، و لسوف يصبحون قوة اقتصادية كبرى على مستوى الضفة الغربية .

أما محمد خلوف و الذي بدا عليه الإجهاد و التعب بعد العمل  و هو من جنين و يعمل برام الله في شركة جوال – فقد تحدث إلينا قائلاً " إن من أبرز المشاكل التي توا جهنا هنا هي ارتفاع أجور السكن و المواصلات بالإضافة إلى مستوى المعيشة العالي بالمقارنة بمدينة جنين .

و لكن تبقى هذه مشكلة أي مغترب عن بلده في الأوضاع الطبيعية، و لكن على الحكومة تحمل مسؤولياتها من خلال رفع أجور العاملين و تخفيض مستو المعيشة الموجود في رام الله، لأن المستويات المعيشية في مدينة رام الله تفوق المستوى المعيشي في مدن الشمال عامة، و مدينة جنين خاصة .

أما الدكتور مصلح كناعنة المتخصص في علم الاجتماع و المحاضر بجامعة بيرزيت فأكد أن سبب الهجرة الداخلية، تعود إلى توفر عوامل الجذب هنا في منطقة الوسط، مثل وجود المغتربين و رأس المال و المشاريع و الشركات و المطاعم و تواجد مركزية السلطة بالإضافة إلى عوامل الطرد من جنين مثل حالات القتل و غيرها تؤدي إلى نوع من الهجرة الداخلية .

وسرد قائلاً إن الحل برأي لهذه  المشكلة برنامج تتبناه الدولة الفلسطينية الممثلة بحكومتها، قائم على استقطاب الشباب، أو خلق البرامج لامتصاص موجات الهجرة و التي تتحمل مسؤليته الدولة لأن القطاع الخاص و مؤسسات المجتمع المدني لا تقدر على القيام بمثل هذه المهمة الصعبة، و أنا أقترح بل و أدعو الحكومة إلى توزيع الوزارات على المدن الرئيسية و هذا جزء من الحل بنظري .

و لكن هناك الكثير من المعوقات أمام جميع الحلول منها الفساد المالي و الإداري في السلطة، و بقاء الاحتلال و عدم سيطرتنا على الأرض و الموارد الطبيعية مثل الماء مثلاً و الذي يعد من أهم بل المصدر الرئيسي للحياة، و استثمارنا فقط في التعليم، لأنه لم يعد هناك شيء نستثمر به سوا القطاع التعليمي .

و تبقى المشكلة كما هي دن إعارة الحكومة لها أي اهتمام يذكر، و تغض الطرف عنها، كما لو أنها راضية عن هذا الوضع ، و تبقى جحافل المهاجرين تسافر عبر حواجز الموت و الإذلال الإسرائيلي .

و في الختام كلنا أمل أن يتغير هذا الوضع للأفضل .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  •  كنا ثلاثة أصدقاء نسير في طرقات جنين نتبادل الحديث و نتسامرهُ سوية، نتحدث عن الجامعة تارة و عن فلسطين تارة أخرى